العناد ظاهرة معروفة في سلوك بعض الأطفال،
فالطفل قد يرفض ما يؤمر به أو يصر على تصرف بعينه لا يتراجع عنه حتى في حالة الإكراه،
وهو من اضطرابات السلوك الشائعة التي تؤرق كل أم،
وقد يحدث لمدة وجيزة أو يستمر مع الطفل حتى يكبر.
وكثيرا ما يكون للآباء والأمهات دور كبير في تأصيل العناد لدى الأطفال كما يقول علماء التربية، فالطفل يولد ولا يعرف شيئا عن السلوك العنيد، ولكن تعامل الأم معه قد يؤصل بداخله هذه الصفة، فهي تتصور أن من التربية عدم تحقيق كل طلباته، في حين أنه يصر عليها، فتقابل إصراره بإصرار على العكس لتساهم دون أن تدري في إكساب الطفل هذه الصفة التي يتربى وينشأ عليها.
أشكال وأسباب
والعناد عند الأطفال يتخذ أشكالا كثيرة..
فهناك عناد التصميم والإرادة.. وهو ما يجب أن يشجع ويدعم من قبل الأب والأم؛ لأنه نوع من التصميم والتحدي، فقد نرى الطفل يصر على تكرار محاولة إصلاح لعبته مثلا، وإذا فشل يظل مصرا على تكرار المحاولة.
وهناك العناد المفتقد للوعي.. ويكون بتصميم الطفل على العناد دون معرفة مصلحته أو النظر إلى نتائج عناده.
أما العناد مع النفس.. فمن خلاله نرى الطفل يعاند نفسه ويعذبها، كأن يحرم نفسه من شيء يريده لمجرد العناد أو لمضايقة أمه.
وقبل الحديث عن كيفية التعامل مع الطفل العنيد، وقدرة الآباء والأمهات على تهذيب هذا السلوك لديه، يجب أولا أن نتعرف على الأسباب التي تقود الطفل إلى العناد، وهي كثيرة منها ما هو سلبي يتحمل الأبوان تبعتها بصفة رئيسية ومنها ما هو إيجابي.
• فالأوامر القهرية التي تصدر من الكبار دون سبب مقنع، والمعاملة الجافة من جانب الآباء، وحالة اليأس والإحباط التي يسببها الوالدان للطفل تقوده حتما إلى العناد.
• أيضا التشبه بالكبار من أهم أسباب عناد الأطفال.. فقد يلجأ الطفل أحيانا إلى الإصرار على رأيه متشبها بأبيه أو أمه، وهو ما يجب أن يحذر منه الآباء، سواء في تعاملاتهم مع الطفل أو في التعامل مع بعضهما البعض أو في التعامل مع الغير أمامه.
• كذلك فإن الاستجابة لمطالب الطفل العنيد تقوي سلوك العناد عنده؛ لذا يجب التعامل معه بحكمة حتى لا يقوى هذا الشعور عنده ويجده وسيلة لتحقيق مطالبه ورغباته.
• أما الأسباب الإيجابية التي تدعم العناد لدى الطفل، والتي يجب أن يستغلها الأب والأم؛ لتنمية مواهبه وإبداعاته فتنحصر في الرغبة على تأكيد ذاته، وهي مرحلة من مراحل النمو التي تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدرته على التأثير.
التوازن.. كلمة السر
ولاشك أن معاملة الطفل العنيد ليست بالأمر السهل فهي تتطلب الحكمة والصبر، وعدم اليأس أو الاستسلام للأمر الواقع، وعلى كل أب وأم أن يفهما أن معالجة الأمر يجب أن تبدأ منذ الصغر بتشجيع الطفل على المشاركة الجماعية وتنمية مواهبه، حتى لا تكبر معه صفة العناد ويصعب معها العلاج والتقويم النفسي، وليعرفا أن التوازن في كل شيء أمر هام؛ لأنه جوهر الحياة والأسلوب الأمثل الذي يساعد على تنشئة جيلا سويا خالي من العيوب والسلبيات.
والخطوات التالية تساعد في التعامل مع الطفل العنيد وتحقيق شيء من هذا التوازن:
1- البعد عن إرغام الطفل على الطاعة العمياء واللجوء إلى المعاملة اللينة.
2- انشغال الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيرا، ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيرا.
3- الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد، حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق.
4- العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات؛ لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر، فالعقاب بالحرمان أو عدم الخروج أو عدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثمارا عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن احذري استخدام الضرب والشتائم فإنها لن تجدي؛ لأنها قد تشعره بالمهانة والانكسار.
5- عدم تدليل الطفل، فيجب أن يتمتع الوالدان بالوسطية والتوازن في الاستجابة لطلباته.
6- عدم وصفه بالعناد على مسمع منه أو مقارنته بآخرين مثل قولك (إنهم ليسوا عنيدين مثلك)، وعدم لومه أو نقده أو جرح مشاعره أمام الآخرين؛ لأنه يولد عنده شعور بالاستياء والضيق مما يثمر صفة العناد.
7- امتدحي طفلك عندما يظهر بادرة حسنة في أي تصرف، وشجعيه باستمرار على تنمية المواهب وإعطائه حافزا في حالة نجاحه وتطوره، فإن الحافز والتشجيع من أهم أدوات النجاح التي تجعل الطفل يتخلى عن عناده.
وفي النهاية علينا أن نعرف أن طاقة الحب طاقة شفائية، ولها ذبذبة عالية تجلب الخير وتقوم النفس، وتجعل ما هو صعبا سهلا.. فلننشر بالحب والسلام ما نريده حتى يتم إصلاح النفس وتهدئتهشا وتحويل الطاقة السلبية إلى طاقة ايجابية جاذبة للنور والخير.
فإذا احتوينا أبناءنا بالحب عالجناهم وساعدناهم على التخلص من العناد، وبالتفاهم يعرفون أن العناد طريق يبعدهم عن النجاح، وأن التعاون والثقة بالنفس طريق التميز الذي يجذب الآخرين إليهم
:lol!: