كيف تواسي محزونا ؟
ج/ أمسك يديه، شد عليهما، اقترب من أذنيه وتحدث عن الله.
دله على مالك أمره، حاول إضحاكه وافتعال مسرته، ثم قل له من أضحكه؟، من أبكاه؟..
جاوره بأن تسمع منه بثه، واجلس بين يديه مصغياً، ثم تحدث..
قل له أن أوجاع الدنيا طهور، وأخبره أن الحزن كفارة الذنوب الغائرة في جبِّ نسيانه، تكلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين عاش كل مراحل الفقد، والطرد..
ثم اقرأ عليه النداء الحاني: "ما ودعك ربك وما قلى"، المس في حزنه العقدة فُكّها شيئاً فشيئاً باستعراض الحسنات الجاريات جرّاء صبره وتماسكه، وذكر الثواب المتواتر لا ينقطع بحال ولو تبدل حزنه فرحاً، وذكِّره بنعمة أن بين جنبيه كلام الرحمٰن ذاك الكلام الذي قيل فيه: اجعل القرآن العظيم الجليل ربيع قلبي، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي.
ثم إذا فككت العقدة، صب على مكانها مطراً غدقاً، أنزله من مزن الأخبار المروية عن الجنة، قل له ماذا أعد له فيها، ولأي شيء يصبر، ومن أجل ماذا يحتسب الحزانى، قل له عن طبِّها وحلاوتها، واذكرُنَّ فيها ما تشتهيه نفسك ليكون معك قد تمنى وتمنى، فبالتمني لمثل الجنة ينسى لأواءه المصاب فيما أحب أو فيمن أحب، واغرس في جَنانه آية المواساة، اتل عليه قول الرحيم: (وبشر الصابرين*الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون*أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)..
بين له ما الصلوات؟ ما الرحمة؟ ما الهداية؟ ما البشارة؟
ثم ضُمّه إليك إن صدر الأخ مأوى، واقرأ عليه الشرح نجوى،
وردِّدَنْ من جديد عليه: من أضحك؟، من أبكى؟
إن الذي أبكاك حزناً أضحكك، والذي يوماً أضحكك قادر أن يعيد إليك السعد فهو القدير.
ولا تنسه من صدقة عنه تشرح أساريره، وكلمة حلوة تطيب له مسامعه، وهدية يحبها تصنع له البسمة.
واعلم أنك في ذلك كله مكفول بأجر عظيم، محمول في القلوب سلاماً صيّباً.
يا رب سخرني لأواسي الحزانى عمري كله على الوجه الذي تحبه وترضاه مني.
وفق الله كل حنون.
أفنان الجعر
مواقف الجبر في لحظات الانكسار لا تنسى :
دخلت امرأةً من الأنصار على عائشه في حادثة الافك وبكت معها دون ان تنطق بكلمة ، قالت عائشة لا انساها لها.
كعبُ بنُ مالكٍ - لمَّا تاب اللهُ عليه بعد تخلفه عن غزوة تبوك ،يقولُ: دَخَلْتُ الْمَسْجِد َ، فَقَامَ إِلَيهَّ طَلْحَةُ - يُهَرْوِلُ واحتضنه،
يقول : لَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَة
فاجبروا الخواطرَ، وشاركوا المشاعرَ،
واعلموا أنَّها عباده يغفل عنها الكثير