منتديات عالمي حلم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

العالم المليئ بالأحلام

في منتديآت عالمي حلم تتحـقـق أحلامك

    يا عزيزي كلنا لصوص

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 412
    تاريخ التسجيل : 20/10/2010

    يا عزيزي كلنا لصوص  Empty يا عزيزي كلنا لصوص

    مُساهمة من طرف Admin الخميس يوليو 16, 2020 8:39 pm

    بسم الله الرحمن الرح
    "يا عزيزي كلنا لصوص"
     
    الجملة على اختصارها تلخص تبريرا معتادا لكثير من الأخطاء والخطايا التي يرتكبها مقترفوها ثم يتمكنون من التعايش معها من خلال تعميم الخطأ على الجميع 
    يحدث ذلك من خلال جمل مشهورة من نفس النوعية: 
    هي يعني جت عليّ أنا؟! 
    ما كل الناس كدة.. 
    أنت مش عايش في الدنيا ولا إيه؟!
    شوف حواليك 
    اللي مثل الناس ما يتعب
    احنا أحسن من غيرنا
     المجتمع كله فاسد
    بمثل هذه الجمل والمعاني يتم تبرير الخطأ ويحدث التعايش معه ويتلاشى مبدأ الاعتراف بالخلل أو الزلل وتختفي ثقافة الاعتذار والإصلاح نظرا  لاختفاء الشعور أصلا بأن ثمة شيء مختلف أو شخص مختلف
    - كلهم زي بعض
    - الجميع سيئون
    - الكل أشرار
    هذه الجمل والتصورات تعد من أوضح الصور لهذا الوجه من وجوه الهروب 
    تعميم الخلل على الكل و إلقاء اللوم على الجميع وإخراج رسالة ضمنية مفادها تلك الجملة المشهورة 
    جملة: يا عزيزي كلنا لصوص
    عندما يُصدِّر لك  الهاربون  من تحمل مسؤولية أخطائهم  ذلك المعنى بهذا الإطلاق فإنهم بذلك يظنون أن الأمر قد انتهى وأن المعضلة الأخلاقية قد تم حلها وأنه ما دام الجميع سيئين = فلا يوجد أي داعي للتغيير الذي لا فائدة منه أصلا ففي النهاية الكل سواء 
    و تلك الكلمة الأخيرة هي الأهم
    لابد من ترسيخها في الوعي الجمعي
    كلمة: سواء
    كلهم سواء
    زي بعض 
    جميعهم واحد
    المسروق والسارق
    المقتول والقاتل
    المظلوم والظالم
    الضحية والجلاد
    يا عزيزي كلنا لصوص..
    لابد أن تزول الفواصل والفوارق كلها كي نستريح من أي بقايا وخز ضمير أو آثار نصيحة ناصح يبتغي التغيير للأفضل
    تغييرنا
    ولماذا نتغير والكل في النهاية هالكون؟! 
    لكن هل فعلا الكل هالكون؟! 
    يجيبك النبي صلى الله عليه وسلم مبينا خطورة ذلك الطرح بجملة جامعة مانعة كعادته: "إذا قال الرَّجلُ: هلك النَّاسُ، فهو أهلكُهم" رواه مسلم في صحيحه


    ورواه الإمام أحمد في المسند ولفظه: إذا سمعتم رجلا يقول قد هلك الناس فهو أهلكهم يقول الله إنه هالك  
    قيل في معنى هذا الحديث: إذا قال ذلك استحقارا للناس واستصغارا لهم فما اكتسب من الذنب بذكرهم وعجبه بنفسه أشد. وقيل: هو أنساهم لله، وقال الإمام مالك معناه هو أفلسهم وأدناهم. 
    يعني ببساطة ليس من حق أحد تعميم الخطايا على الناس سواء كان ذلك لتبرير خطئه أو للهروب من حتمية التغيير والالتزام الذي يشكل هذا التعميم عائقا آخر من أهم عوائقه
    عائق كان من الممكن لسيدنا سلمان الفارسي أن يستعمله لتبرير القعود وعدم بذل الجهد للبحث عن الحق
    كان يمكنه التحجج بعموم البلوى في مجتمع من المجوس عبدة النار تماما كما يفعل كثير من الناس اليوم من تحجج بانتشار المعاصي أو بتقصير الآخرين ولسان حالهم يكاد يطابق مقال الصبية الصغار حين يعلقون أخطاءهم على شماعة: اشمعنى
    اشمعنى فلان فعل
    اشمعنى فلانة سوت
    اشمعنى علان أخطأ
    هكذا نظل ندور في دائرة مفرغة من أفعال آخرين يفترض ألا يكون لنا شأن بهم 
     سلمان الفارسي كنموذج لشخص عاش في بيئة فاسدة لم يفعل شيئا من ذلك
    لم يتحجج ببيئته المجوسية ابتداء
    ولم يتحجج بفساد الراهب الأول الذي التقى به وصحبه في الشام رغم كون فساد رجال الدين يعد من الحجج التي يحبها كثير من الخلق ويبررون بها أخطاءهم
    لم يفعل سلمان شيئا من ذلك بخلاف ذلك النمط  الطفولي المثير للشفقة يصر دائما على استعمال تلك الحجة
     استدعاء المقارنة بالغير واسترجاع أخطائهم والتنقيب عن زلاتهم في دفاتر التاريخ القريب أو البعيد
    أزعم أننا جميعا تعاملنا مع هذا الصنف في واقعنا الديني والدنيوي على حد سواء بل ولربما وقع كثير منا في بعض خصاله أحيانا
    ذلك الموظف الذي يبرر تكاسله بتكاسل الآخرين
    ذلك الطالب الذي يحتج لفشله في الامتحان بأن الكثيرين فشلوا مثله
    ذلك التاجر الذي يبرر تدليسه أو كذبه وغشه بأن هذه هي التجارة وهذا هو العرف العام بين أقرانه
    قل لي بربك ألم تشهد أبدا شيئا من ذلك المعيار لاستيعاب النقص والخلل
    ألم تشهد مؤخرا أي حوار احتوى نوعا من النصيحة  فوجدت الحوار قد تحول فجأة إلى الحديث عن أخطاء الناصح نفسه حتى لو لم يكن لها أدنى علاقة بالموضوع محل النقاش؟ 
    ألم تفاجأ يوما بمن يبرر أخطاءه بوجود مثلها لدى الآخرين؟ 
    ألم تر قط استدعاء منطق المقارنات في أي نقاش لا علاقة له بهذه المقارنة أو بمبدأ المقارنات نفسه؟
    حينئذ تضرب كفا بكف ولسان حالك يسأل بدهشة: ما العلاقة؟ 
    ما الرابط؟ 
    ما الحجية؟ 
    الناس يخطئون ويزلون ويعصون.. حسنا.. 
    كذلك كانوا
     وسيظلون هكذا
    ما الذي يغيره ذلك في تكليفك؟ 
    وكأن كون الآخرين سيئين  يتيح للمرء أن يكون سيئا هو الآخر  
    وكأن أخطائهم أو حتى جرائمهم  تبيح له أن يُجرم أو يتهاون في حق من حقوق الله أو حقوق عباده وتسقط عنه المسؤولية وتعفيه من المساءلة ثم تنجيه من عاقبة ذلك يوم العرض على الله
    وكأن معصية الغير أو تقصيرهم وخطأهم  ترخص للجميع أن يفعلوا المثل 
    لو افترضنا جدلا أن عنوان إحسان عبد القدوس له وجه من الصحة وأن اللصوص كُثُر فهل يبرر ذلك لمعنى العنوان بأن نكون جميعا = لصوص
    هكذا إذا سيستباح أي شىء وكل شىء ببساطة لأن أغلب الأشياء  لابد أننا سنجد لو بحثنا من فعلها أو يفعلها فلو أردنا قول: اشمعنى فسنجد بعدها ألف فلان وعلان وذلك في أكثر الأخطاء التي يرتكبها البشر
    إن ذلك الخطأ أو تلك المعاصي الجديدة بالكلية والتي لن تجد لك سلفا فيها = أشياء نادرة فعلا
    لعل ذلك المنطق الطفولي - منطق اشمعنى - يُقبل من صبي صغير أو من شخص غير مكتمل النضج العقلي أو الفكري
    لكن أن يستحضر ذلك المنطق من قبل أناس يفترض أنهم كبار السن والمقام راجحو العقل والتفكير = فذلك بلا شك أمر يدعو للاندهاش والأسف
    أما الاندهاش فهو لدرجة سذاجة وسفه هذا المنطق الذي يُستدعى عند كل نكير ويُصَدَّر في وجه كل ناصح حريص على استقامة الخلق وصلاحهم
    وأما الأسف فلتلاشي الشعور بالأسف، واختفاء ثقافة الاعتذار وتحمل المسؤولية وإدراك حتمية التغير لدي أولئك المستعيلين (نسبة للعيال) ومن سار على دربهم واستعمل منطقهم
    طالما كانت أخطاء الآخرين وسوءاتهم هي دوما مبررات أفعالنا ومسوغات مواقفنا وخياراتنا = فأنى لنا إصلاحا أو تغييرا للأفضل؟ 
    لكن الحقيقة الواضحة والمبدأ الوجيه الوحيد = أنه الخطأ ذاتي والجريمة الأصل فيها أن تكون فردية وأنك "لا تكلف إلا نفسك" وأنه لا يسأل عن جرمه إلا الذي أجرم "قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ"
    وبالتالي فلا حجة في الدنيا إلا بكسب المرء والكثرة لا تعفي من الخطأ ومسؤولية ذلك الخطأ ستظل واقعة على من اقترفه  حتى لو أخطأ جميع من حوله معه
     "يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"
    حين تقف بين يدي الله فلن تُسأل إلا عن نفسك ولن تحاسب إلا على كسبك ومن كانوا في مسؤوليتك فربك يقول: "لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت" ويقول: "كل نفس بما كسبت رهينة" ويقول: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"
    عزيزي المتحجج بعموم البلوى وشيوع الفساد 
     تذكر دوما هذه القواعد
     لن تُكلف إلا نفسك فأعد جوابك من الآن
    أعد جوابا ليس فيه: أصل (فُلان) كان سيئا و(علّان) كان مجرما و(ترتان) قال وفعل وسوى وزاد وعاد
    " وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ" [ الزخرف 39]
    ببساطة أكثر أقولها لك: لو كنت خاطئا أو حتى لصا فيا عزيزي لسنا كلنا لصوصا..
    ولو افترضنا - جدلا - أننا جميعا كذلك فهذا إن كان جوابك فلن ينجيك
    لذلك أعد جوابك عنك أنت 
    أنت وحدك
    #الالتزام ٢٩
    #عوائق_الالتزام
    محمد علي يوسف

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 6:41 pm