يا أخي لا أدري ما مشكلتي، الشكل عندي مهم جدًا في الزوجة وأنسحب من أي محاولة إذا خالفت بعض مقاييس الجمال عندي، أعلم أن الزواج كذا وأن المهم فيه كذا وأن هذا زائل كل هذا أعرفه ولكنني لا أستطيع التخلص من هذا الحاجز النفسي، رغم أنه كنت تعجبني واحدة في الجامعة لا يراها أحد غيري جميلة ولم يحصل نصيب فبماذا تشير علي ؟
كلنا يدرك أن الحسن الظاهر أمر مهم للغاية .. بل هو ربما الأمر الوحيد الذي قد يجذب ذكرا ما لأنثى أحيانا
وبعض الفتيات لولا حسنها الظاهر لظننا أن القدر لم يمنحهما شيئا على الاطلاق يستدعي صبر رجل على محادثتها ناهيك عن الاقتران بها كزوجة !!
فقيرة للغاية هي من لا تملك سوى الحسن الشكلي فقط
وأنت -كما أرى - رجل ناضج تدرك أن من راهن على هذا الفقر وحده.. فهو فقير أيضا .. وبعد زوال الحسن بالعمر والاعتياد لن يبقي لديك ما يكفي لتسكن نفسك بالجوار أو لتبتغي مزيد بقاء !
إذن فما الذي يجعل رجل عميق ومثقف ومقتنع بمثل هذا الأمر أن يغفل عن الجمال الإنساني الشمولي ويركز على الحسن الظاهر .. حتى يلوم نفسه كما تفعل الآن على توجهه هذا ؟
عاملان يؤثران يا حبيب
الأول هو الاشتهاء
فكل رجل أعزب .. وبالأخص إن كان متعففا متدينا .. لا يجد تصريفا لنوازعه الجسدية واشتهاءاته
ويترفع عن أي ترجمة للغريزة الجنسية في غير ما أحله الله
لابد أن تفيض داخله الشهوة
والشهوة تعمي !
وتتصاعد أبخرتها حتى تصل لمةاقع الحكمة في أذهاننا فتضبب علينا الاختيار
فببساطة لأننا محتقنون وقت العزوبية بالشهوة والفيضان الهرموني .. نبدأ نخلط بين ما تريده شهواتنا وبين ما ترغبه نفوسنا وما تبتغيه أرواحنا !
إن تطلعك للحسن الظاهر ليس توجها حقيقيا منك يا رفيق لا تخف .. إنما هو فقط خداع ذاتي ترتكبه تفوسنا .. فتختلط علينا الرغبات .. فنظن أننا نريد زوجة حسناء .. فقط لأننا نحيا ثورة هرمونية
كجائع اشتد عليه جوعه .. فصار يرى أشكال السحب في السماء خضروات وفواكه واطباق دسمة
فهل يمكننا أن نقول أنه شره ومهووس بالطعام !
او كظمآن .. اصبح يرى السراب ماءا .. فهل يمكننا أن نحكم على سلامته العقلية ونقول هو مهلوس مخبول !
العجيب يا حبيب أن بمجرد أن يجد صاحبنا هذا كشرة الخبز وشربة الماء فيشبع .. تنمحي اشكال السحب وتتضح حقيقة السراب !
وهكذا الجسد ورب الكون
بمجرد أن تمتزج مع أي امرأة كانت .. وتنمحي الثورة الاشتهائية
لن يتبقي لك سوى الحقيقة حينها
وحينها ستتشابه كل الحسناوات
وستبقى الجميلات !
الجميلات جمالا ذاتيا لا يزول بعد كب الشهوة ولا يتبخر فور انتهاء اللذة
إن كل من علمته قد خرج يعدو وراء اشكال الأطعمة في السحب لحظة جوعه .. فأخذ يلهث وراء الحسن الظاهر .. كلهم قد اصابه احباط مفرط بعد أن نال !
فالأمر بحق لا يستحق !
اذن فما العمل ؟
أقول .. افصل
قم بفصل جوانب اشتهاءك ومؤثراتها وشريحة تطلعها .. والمتمثلة في الحسن الظاهر
عن جوانب روحك ونفسك وعقلك ورغباته وشريحة تطلعه .. ممثلة في الجمال الذاتي .. في الشخصية والاخلاق والدين وما للأنثى اختيار فيه وقرار معه
وهو ما يقودنا نحو العامل الثاني المؤثر بشدة في الأمر
وهو النظر ..والاختزال .. والمقارنات
كيف يمكن لرجل يجول ببصره في عيون الغيد وأجساد الحسناوات ويتتبع الرشاقة هنا والنعومة هناك والبياض هنا والاستدارة هناك
كيف يمكنه أن يقنع يوما !
إن كل نظرة ننظرها باشتهاء.. سواء في الطريق أو ربما عبر الانترنت .. أو ربما كان الامر فادحا ان كنت كأغلب الشباب مصابا بمشاهدة الاباحيات
كل نظرة ننظرها تتسلل إلى الذهن فتحفر فيه قالبا وصنما نقيس عليه فيما بعد
فنظرة تضع قالبا للنعومة .. ونظرة تضع قالبا للأثداء .. ونظرة تضع معيارا للرشاقة .. وهكذا
حتى يصير لدينا قالب اسطوري ومعيار مرقع .. لا يمكن لامرأة مهما أوتيت من حسن أن تتتطابق معه !
فكيف نقتنع
اكسر صنمك .. وحطم قالبك .. واحفظ بصرك
حينها ستعرف الجمال ولن يرهقك الاختيار